أصول التوحش الامبريالية الغربية و أولادها
محمد فضل الله
يمكننا أن نعرف الإمبريالية بأنها أعلى درجات الرأسمالية كما يقول فلاديمير لينين ، فهي توسع الدول الكبرى للسيطرة على بقية العالم اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، وهي عدو الحرية الأول كما تقول حنا أرندت ، بالاختصار يمكننا ان نقول ان الامبريالية تتلخص في كلمة واحدة يداوم على استخدامها في باقي كلامنا هذا وهي مصطلح "الغرب".
والإمبريالية هي حتمية واقعة إذا استندنا لمفاهيم الداروينية السياسية ، التي تقول بأن البقاء لللأنظمة والحضارات الأصلح على سائر حضارات و شعوب وأنظمة العالم الأخرى . فهل يحق للغرب الهمجي أصلاً أن يضع الأسس و نحن نسير عليها ؟
و إن الغرب بقديمه أي أوروبا و حديثه الولايات المتحدة قد أنتج للإنسانية عدداً لا بأس به من التيارات الشريرة و المفاهيم الفاسدة.
إن تاريخ الغرب الدموي و الإرهابي منذ عهد يوليوس قيصر المستبد و حتى الحروب الصليبية و الصراعات الأوروبية الداخلية في القرون الوسطى وصولاً الحركات الاستعمارية في إفريقيا و آسيا و العالم الجديد ، وما اقترفه من الإبادات الجماعية و التنكيل و نهب الثروات و شتى مظاهر الوحشية والعنصرية الأخرى .
الغرب المتمثل بالإنسان الأبيض وربما الأشقر و صاحب العيون الزرقاء، قد رأى نفسه العرق الأصلح و الحضرة الأقوى و الأكثر تطورا ، و صاحب الحق في إمتصاص مقومات سائر شعوب الأرض كونهم الأقل مكانة و الهمج الذين يجبون الصحاري و الغابات دون هدى . و هو بنفس الوقت الداعي للحرية و المناشد بكل أنواع المساواة علناً و هو يخفي تحت عباءته شتى أنواع المفاسد الأخلاقية والثقافيه والسياسيه بل ويدير بؤر تلك المفاسد حول العالم.
فان التاريخ يخبرنا أن النازية والفاشية والصهيونية ، كلها نتاجات طبيعية للثقافة الغربية التي تنظر للعالم باستعلاء ، وان النزيه التي أرّقنا الإعلام الغربي بفضاعتها و وحشيتها واستبدادها وعنصريتها…. و مازال يؤرقنا حتى اليوم، أي بعد أكثر من 80 سنه على اندثارها لا زال مستمرا في تلك البروباجندا.
وان خسارة النازية للحرب العالمية الثانية، أمام قوتين ليستا بأحسن أخلاقياً منها و لا أكثر منها إنسانيةً، هما الشيوعية والرأسمالية، و اللتين استمرتا في التناحر حتى انجلاء القرن العشرين، و هما سبب وضع النازية في خانة القوى الشريرة والمنتصر هو من يكتب التاريخ ، لكن في الواقع كل تلك القوة المذكورة انفاً هي توائم وسواسية فاصلهم واحد.
إننا اليوم نرى إحدى اولاد الغرب … الصهيونية كيف انها تماهت مع النازية بشكل مثالي، ليس لانهم تطبعوا بطباع جلاديهم بل لأنهم هم وجلادوهم في الاساس واحد، فهم عنصريون مجرمون سفاكون للدماء ويستعملون الاعلام لتضليل الناس و طمس الحقائق، فالوضع اليوم في فلسطين لا يختلف عن الأيام الخوالي لوزير الدعاية النازي غوبلز وهملر و غورينغ و أيخمان … وثلة أخرى من قادة النازية ومجرميها، فقد تبدلت الاسماء لاسماء عبرية او اوروبية اخرى لكن المضمون ذاته بقي واحداً. كذلك لم تختلف الصهيونية بممارساتها عن أسلافها من الحركات الاستعمارية الأخرى ، فقد طردت و قتلت و اضطهدت سكان الأرض الأصليين و تحاول تدمير ثقافتهم و هويتهم الأصلية .
وان كل ما ينادي به الغرب من قيمٍ انسانية واخلاقية كالمساواة حقوق الإنسان وغيرها من الشعارات الرنانة التي يحبها المتلقون، لا تعد اكثر من ديماجوجية فارغه يثرثر بها اصحاب القرار، و يمجدها لهم الإعلام بشتى وسائله ، فتزرعها في عقول الشعوب كافة، حتى يرى العربي المسلم مثلا والذي يقيم في وطنه وطنِ أجداده أن أمته وحضارته ووطنه ليس أكثر من معتقل فكري وقيامي وسياسيا واجتماعية، فيه القمع و العذاب و الكبت ، ويرى في الغرب جنة تجري من تحتها الأنهار فيها الحرية و المساواة و كل ما يفتقده في وطنه .
لكن الغرب اليوم يثبت لنا اكثر فاكثر ان ذلك الكلام الرقيق العذب عن الحرية والمساواة والانسانية، ليس أكثر من هراء تحشوه وسائل الإعلام والتواصل في عقول الناس قاطبة وأن الواقع لهو غير ذلك فإن الغرب الحديثة له سجل كبير في انتهاك كل ما ينادي به ، كما تشهد له إنجازاته من فيتنام الى لاوس الى أفغانستان و العراق و فلسطين . فإن كل تلك القيم الفاضلة تكون فاضلة إن تواءمت مع سياسة الغرب وان وقفت ضده قد تداس بالأقدام أو تضرب بالطائرات .
أخيرا يمكن القول إن الامبرياليه الامريكيه و وغيرها من إفرازات الغرب الثقافيه والسياسيه رات انها يمكنها ان تدمر الشعوب ثقافيا عبر ا البروباغاندا الهائله التي تمارسها على شعبها ، و الحروب الناعمة على شعوب اعدائها والشعوب التي تسكن كل اقطاب الارض، فتجمل صورتها البشعة وتصنع الأعداء من طغاة ثم تحرر الشعوب منهم ثم تعيد الكرة مرة اخرى واخرى…، فنغرق في دوامة لا نعرف فيها الحليف والعدو فنبحث عن خلاصنا الفردي وذلك بالذهاب الى بلاد الغرب بلاد الحريه… وان تلك الحرية وان اعطت حتى لشعوب الغرب فهي بهدف قولبتهم كالتروس في ماكينة الاقتصاد الرأسمالي الكبرى، فيغذون الآلة العسكرية والإعلامية والسياسية التي نصطلح عليها بالامبريالية.
إذاً بناءً على ما سبق ، لا يحق للغرب ان يحدد اي شيء لا من قيم ولا من أنظمة حكم ولا من مفاهيم واخلاقيه ، فعندما لا تؤتيه مصالحه أيا منها فيصير هو عدوها الأول . و العالم وليس بالمكان الجميل وليس بالجنه بشرقه وغربه ،جنوبه وشماله، أوله وثانيه وثالثه . بل يتنعم في العالم ثلة صغيرة تملك زمام الامور والثروات الكبرى وكتب على الباقين الشقاء أو الموت.
Comments
Post a Comment