من هو ألكسندر دوجين ؟ عقل بوتين

«محمد فضل الله»
٢٣/٨/٢٠٢٢
 ألكسندر جليفيتش دوجين هو مفكر و فيلسوف و عالم
 إجتماع روسي متخصص بالجغرافيا السياسية (الجيوبولتيكا) المعاصرة . مولود في السابع من يناير عام١٩٦٢ في موسكو عاصمة الاتحاد السوفيتي ، والده كان ضابطاً في المخابرات السوفيتية . بدأ دراسته في معهد موسكو للطيران حيث التحق بصفوفه عام ١٩٧٩. حاصل على ثلاثة شهادات دكتوراه في الفلسفة ، وعلم الاجتماع والعلوم السياسية ويتقن عدة لغات أجنبية منها الإنجليزية، الألمانية، الإسبانية،الفرنسية، و الإيطالية  
.    
انخرط في العديد من الحركات السياسية المختلفة وأسس الحزب القومي البلشفي بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي , و كان من أشد المعارضين لسياسات الرئيس الروسي الجديد وقتها بوريس يلتسن في التقرب من الغرب . كما قام بالنشر في العديد من المجلات و أبرزها المجلة التي أصدرها تحت إسم Elementy . كما كان لدوجين دور بارز في المجال الأكاديمي فكان أستاذا لعلم الإجتماع والسياسة في عددٍ من الجامعات و المعاهد في روسيا وخارجها، و يشغل منصب رئيس قسم علم الاجتماع للعلاقات الدولية في كلية علم الاجتماع بجامعة موسكو الحكومية ، كما أن له عدة مؤلفات وأبحاث أبرزها : أسس الجغرافية السياسية ، النظرية السياسية الرابعة، المهمة الأوراسية: مقدمة إلى الأوراسية الجديدة ،مارتن هايدجر : فلسفة بداية أخرى، نظرية العالم متعدد الأقطاب، أفلاطونية السياسية: فلسفة السياسة ،الصحوة العظيمة ضد إعادة الضبط العظيمة، بوتين ضد بوتين … و غيرها . كما أسس الحركة الدولية الأوراسية 
.
ألكسندر دوجين


:أفكاره ونظرياته 
إشتهر دوجين بمعاداته لليبرالية و يسميها الشر المطلق و التي تنادي بتحرير الفرد من الهوية الجماعية بشتّى أنواعها ، و التي أصبحت على حد تعبيره نظاماً شمولياً يجبر الناس على أنماط محددة من الأفكار و التصرفات يجب إتباعها و إلا فلن تكون ليبراليا ً . و هو من أشد المعارضين للأحادية القطبية و هيمنة أمريكا على العالم ويعتبر أنه لا بدَّ أن يكون هناك العديد من الأقطاب و 
العديد من مجموعات القيم 
.
 ويعد دوجين من المفكرين القوميين فيعتبر روسيا نداً سياسياً و حضارياً للغرب ، و يمجد الحضارة الروسية وأدوارها في الماضي والحاضر ومستقبل العالم . هو صاحب النظرية الأوراسية التي هي جوهر أفكاره و مؤسس الجيوبولتيكا المعاصرة الروسية و التي تدعو لإنشاء جبهة أوراسية محورها روسية و إلى توحيد كل الشعوب الناطقة بالروسية تحت قيادة الإتحاد الروسي لمواجهة الإمبريالية الغربية الأطلسية برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية . كان دوجين من أكبر الدعاة لإنشاء تحالف روسي عربي
.
وتعد النظرية السياسية الرابعة واحد من أبرز و أهم أفكر دوجين و هي محاولة لإيجاد نظام سياسي جديد غير الأنظمة الثلاثة الكلاسيكية الفاشية ، الشيوعية ، و الليبرالية. حيث كانت الليبرالية في الأصل ثم أتت الشيوعية كرد عليها و جاءت الفاشية كرد عليهما معاً ،حيث انهزمت الفاشية في عز شبابها على يد الشيوعية ، ثم ما لبثت أن خسرت الأخيرة أمام الليبرالية، التي طغت و حاولت أن تحكم لكنها لم تقدر لأنها لا تناسب كل أفكار الشعوب التي ترغب بنظام حكم جديد يناسبها . فتأتي النظرية السياسية الرابعة كفكرة غير مادية و بديل لما بعد الليبرالية ، و هي الدخول في صراع مع الواقع و الثورة وتصفية الاستعمار ، و المناداة بحقوق الإنسان و لكن ليس وفقاً للقيم الغربية التي تتعارض مع أفكار العديد من مناطق العالم و شعوبه خاصةً مع حضارات الشرق . فهي حرب ضد ما بعد الحداثة و ما بعد المجتمع الصناعي و العولمة ، و ذلك بهدف القضاء على الاستعمار بكافة أشكاله العسكرية و الثقافية و إتاحة القدرة للمجتمعات لإنشاء النظم السياسية و الإجتماعية و الدينية التي يريدها ويرغب بها بعيداً عن أي ضغط من أي نظام معياري يجب إتباعه ، فيعتبر القيم الغربية أداةً لبسط الهيمنة و السيطرة
.
النظرية السياسية الرابعة


:علاقته ببوتين 
رغم أن دوجين يعتبر نفسه مفكرا حراً و مستقلا إلا أنه يسمي بعقل بوتين في الأوساط الغربية لكنه من كبار المعجبين والمؤيدين للرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين كما يذهب البعض إلى إعتبار دوجين مسيطر ومتحكم باتخاذ القرارات في الكرملين ، رغم أن هذا لا يُنفي إعجاب بوتين و عدد من الكوادر السياسية الروسية بأفكار دوجين ، لأن بوتين و نظامه الحاكم يقتديان بأفكار دوجين و تُحاك عليها خططهم واستراتيجياتهم ، و لنا بغزوهم لأوكرانيا خير دليل ، حيث أن دوجين كان يعتبر هذا الصراع مع أوكرانيا حتمياً بهدف منع حلف الناتو من محاصرة روسيا . كما نرى آراء دوجين في محاولة روسية الحالية أن تكون نداً حضارياً و إجتماعياً و سياسياً للغرب ، كما يظهر تأثير أفكاره بتحالفات روسيا الإستراتيجية التي تقيمها في آسيا بعيداً عن أوروبا عبر توطيد العلاقات مع إيران ،الصين ، تركيا و باكستان و الهند و غيرها بهدف مواجهة العنجهية الغربية الأمريكية ، و إستعادة التوازن العالمي
.
إن دوجين يعد من كبار الفلاسفة و المفكرين المعاصرين ، تُعد أفكاره نواة الإستراتيجيات الروسية السياسية و العسكرية و التي تهدف أن تعيد روسيا لمكانتها كلاعبٍ أساسي على الساحة الدولية و قطب من الأقطاب المؤثرة في القرارات الدولية كقوة كبرى عالميا
.
إن محاولة إغتيال دوجين يمكن أن توضح تحت عدة أبعاد و لعدة أسباب ، لكنها تظل جريمةً بحق الفكر وإن قتل او ترويع أصحاب الفكر لن و لم يسكت أفكارهم يوماً و لنا في العديد من قصص التاريخ خير دليل 
.
كلمات مفتاحية 
#روسيا #دوجين #أوراسية #جيوبلتيكا #جغرافية_سياسية#النظرية_السياسية_الرابعة #الليبرالية 

Comments

Popular posts from this blog

الذكاء الصناعي و مأزق الإنسان

أصول التوحش الامبريالية الغربية و أولادها